كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وَقَدْ جَعَلَ بَعْضُ أَهْلِ الْجَدَلِ الْآيَةَ مِنَ الْمُشْكِلَاتِ؛ لِأَنَّ يَهُودَ عَصْرِهِ يُنْكِرُونَ صُدُورَ هَذَا الْقَوْلِ عَنْهُمْ؛ وَلِأَنَّهُ يُخَالِفُ عَقَائِدَهُمْ، وَمُقْتَضَى دِينِهِمْ، وَمِمَّا قَالُوهُ فِي حَلِّ الْإِشْكَالِ: إِنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْإِلْزَامِ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا سَمِعُوا قَوْلَهُ تَعَالَى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفُهُ لَهُ} (2: 245) قَالُوا: مَنِ احْتَاجَ إِلَى الْقَرْضِ كَانَ فَقِيرًا عَاجِزًا مَغْلُولَ الْيَدَيْنِ. بَلْ قَالُوا مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ هَذَا فِي تَعْلِيلِ قَوْلِهِمْ، وَالْخَرْصِ فِي بَيَانِ مُرَادِهِمْ مِنْهُ. وَمَا هَذَا إِلَّا غَفْلَةٌ عَنْ جُرْأَةِ أَمْثَالِهِمْ فِي كُلِّ عَصْرٍ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ الْبَعِيدِ عَنِ الْأَدَبِ بُعْدَ صَاحِبِهِ عَنْ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُمْ مِنَ الدِّينِ إِلَّا الْعَصَبِيَّةُ الْجِنْسِيَّةُ وَالتَّقَالِيدُ الْقِشْرِيَّةُ، فَلَا إِشْكَالَ فِي صُدُورِهِ عَنْ بَعْضِ الْمُجَازِفِينَ مِنَ الْيَهُودِ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ كَانَ أَكْثَرُهُمْ فَاسِقِينَ فَاسِدِينَ، وَطَالَمَا سَمِعْنَا مِمَّنْ يُعَدُّونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي عَصْرِنَا مِثْلَهُ فِي الشَّكْوَى مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ عِنْدَ الضِّيقِ وَفِي إِبَّانِ الْمَصَائِبِ. وَعِبَارَةُ الْآيَةِ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَقُولُهُ جَمِيعُ الْيَهُودِ فِي كُلِّ عَصْرٍ، حَتَّى يَجْعَلَ إِنْكَارَ بَعْضِهِمْ لَهُ فِي بَعْضِ الْعُصُورِ وَجْهًا لِلْإِشْكَالِ فِي الْآيَةِ، وَإِنَّمَا عَزَاهُ إِلَى جِنْسِهِمْ لِمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، عَلَى أَنَّ النَّاسَ فِي كُلِّ زَمَانٍ يَعْزُونَ إِلَى الْأُمَّةِ مَا يَسْمَعُونَهُ مِنْ بَعْضِ أَفْرَادِهَا إِذَا كَانَ مِثْلُهُ لَا يُنْكَرُ فِيهِمْ. وَالْقُرْآنُ يُسْنِدُ إِلَى الْمُتَأَخِّرِينَ مَا قَالَهُ وَفَعَلَهُ سَلَفُهُمْ مُنْذُ قُرُونٍ، بِنَاءً عَلَى قَاعِدَةِ تَكَافُلِ الْأُمَّةِ وَكَوْنِهَا كَالشَّخْصِ الْوَاحِدِ، وَمِثْلُ هَذَا الْأُسْلُوبِ مَأْلُوفٌ فِي كَلَامِ النَّاسِ أَيْضًا.
وَالْيَدُ تُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى عِدَّةِ مَعَانٍ. يَقُولُ أَهْلُ الْبَيَانِ: إِنَّ بَعْضَهَا حَقِيقَةٌ، وَبَعْضَهَا مِنَ الْمَجَازِ أَوِ الْكِنَايَةِ، فَتُطْلَقُ عَلَى الْجَارِحَةِ وَعَلَى النِّعْمَةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْمُلْكِ وَالتَّصَرُّفِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. رَأَى أَهْلُ التَّأْوِيلِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ يَجِبُ تَأْوِيلُهَا؛ لِأَنَّ الْيَدَ بِمَعْنَى الْجَارِحَةِ مِمَّا يَسْتَحِيلُ نِسْبَتُهُ إِلَى اللهِ تَعَالَى. وَيَقُولُ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْوِيضِ: بَلْ نُثْبِتُ لَهُ الْيَدَ، وَنُنَزِّهُهُ عَنْ لَوَازِمَ هَذَا الْإِطْلَاقِ مِنْ مُشَابَهَةِ النَّاسِ. وَتَفْسِيرُ ابْنِ عَبَّاسٍ إِمَامِ مُفَسِّرِي السَّلَفِ وَالْخَلْفِ لِلْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ الْخَلْفِ وَالسَّلَفِ فِي التَّأْوِيلِ وَالتَّفْوِيضِ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ غِلِّ الْيَدِ فِي الْبُخْلِ وَبَسْطَهَا فِي الْجُودِ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ مَأْلُوفٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطُهَا كُلَّ الْبَسْطِ} (17: 29) وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ يَفْهَمُ اللُّغَةَ: إِنَّ هَذَا مِنْ إِخْرَاجِ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ، الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالتَّأْوِيلِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {غُلَّتَ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} فَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِمْ، يُنَاسِبُ جُرْمَهُمْ هَذَا، وَجَزَاءٌ لَهُمْ بِالطَّرْدِ وَالْإِبْعَادِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى وَعِنَايَتِهِ الْخَاصَّةِ بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، قَدْ جَاءَ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِئْنَافِ الْبَيَانِيِّ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَسْتَشْرِفُ لَهُ النُّفُوسُ، وَتَتَسَاءَلُ عَنْهُ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَعْنَى {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ}: أَمْسَكَتْ أَيْدِيهِمْ وَانْقَبَضَتْ عَنِ الْعَطَاءِ وَالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ الْبِرِّ وَالْخَيْرِ، وَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِمْ بِالْبُخْلِ، وَمَا زَالُوا أَبْخَلَ الْأُمَمِ، فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَبْذُلُ شَيْئًا إِلَّا إِذَا كَانَ يَرَى أَنَّ لَهُ مِنْ وَرَائِهِ رِبْحًا، وَقَدْ حَسُنَتْ أَحْوَالُهُمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَارْتَقَتْ مَعَارِفُهُمْ وَحَضَارَتُهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْبِلَادِ، وَتَرَبَّوْا فِي أُمَمٍ مِنَ الْإِفْرِنْجِ، صَارَ مِنْ تَقَالِيدِهِمُ الِاجْتِمَاعِيَّةِ بَذْلُ الْمَالِ لِمَعَاهِدِ الْعِلْمِ وَالْمَلَاجِئِ وَالْمُسْتَشْفَيَاتِ وَالْجَمْعِيَّاتِ الْخَيْرِيَّةِ، وَهُمْ عَلَى كَوْنِهِمْ أَغْنَى هَذِهِ الْأُمَمِ وَمُضْطَرُّونَ لِمُجَارَاتِهَا لَا يَبْذُلُونَ إِلَّا دُونَ مَا يَبْذُلُ غَيْرُهُمْ مِنَ الْإِعَانَاتِ الْخَيْرِيَّةِ، بَلْ هُمْ عَلَى شِدَّةِ تَكَافُلِهِمْ وَاسْتِمْسَاكِهِمْ بِالْعَصَبِيَّةِ الْمِلِّيَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، قَلَّمَا يُسَاعِدُ أَغْنِيَاؤُهُمْ فُقَرَاءَهُمْ بِالصَّدَقَةِ الْخَالِصَةِ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى وَحُبًّا فِي الْخَيْرِ، بَلْ يَتَّجِرُونَ وَيُرَابُونَ بِالْإِعَانَاتِ؛ فَيُعْطُونَ الْفُقَرَاءَ مَالًا عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا بِهِ فِي تِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، بِشَرْطِ أَنْ يَرُدُّوهُ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، مَعَ رِبًا قَلِيلٍ فِي الْغَالِبِ.
وَقِيلَ: إِنِ الْمُرَادَ بِغِلِّ الْأَيْدِي رَبْطُهَا إِلَى الْأَعْنَاقِ بِالْأَغْلَالِ فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي النَّارِ أَوْ فِيهِمَا. نُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْغِلِّ: يُغَلُّونَ فِي الدُّنْيَا أُسَارَى، وَفِي الْآخِرَةِ مُعَذَّبِينَ بِأَغْلَالِ جَهَنَّمَ، وَقَالَ فِي تَفْسِيرِ اللَّعْنَةِ: عُذِّبُوا فِي الدُّنْيَا بِالْجِزْيَةِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِالنَّارِ. حَكَاهُ عَنْهُ نِظَامُ الدِّينِ النَّيْسَابُورِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، وَأَوْرَدَ وَاقِعَةً بِهَذَا الْمَعْنَى حَدَثَتْ فِي زَمَنِهِ، قَالَ: وَمِمَّا وَقَعَ فِي عَصْرِنَا مِنْ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ مَا حُكِيَ أَنَّ مُتَغَلِّبًا مِنَ الْيَهُودِ مُسَمَّى بِسَعْدِ الدَّوْلَةِ، وَهُوَ مِنْ أَشْقَى النَّاسِ، كَانَ سَمِعَ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَاتَّفَقَ أَنْ وَصَلَ إِلَى بَغْدَادَ، فَنَزَلَ بِالْمَدْرَسَةِ الْمُسْتَنْصِرِيَّةِ، وَدَعَا بِمُصْحَفٍ كَانَ مَكْتُوبًا بِأَحْسَنِ خَطٍّ وَأَشْهَرِهِ مِنْ خُطُوطِ الْكُتَّابِ الْمَاضِينَ، وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّ أَهْلَ هَذَا الْعَصْرِ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى كِتَابَةِ مِثْلِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ هَذِهِ الْآيَةُ؟ يَعْنِي قَوْلُهُ: {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} فَأَرَوْهُ إِيَّاهُ، فَمَحَاهَا. فَلَمْ يَمْضِ إِلَّا أُسْبُوعٌ إِلَّا وَقَدْ سَخِطَ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ، وَبَعَثَ فِي طَلَبِهِ، وَأَمْرَ بَغْلِّ يَدَيْهِ فَغَلُّوهُ، وَحَمَلُوهُ إِلَيْهِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، اهـ.
وَالْمُرَادُ أَنَّ السُّلْطَانَ غَضِبَ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ شَقَاوَتِهِ الَّتِي عُرِفَ بِهَا، لَا بِسَبَبِ اعْتِدَائِهِ وَتَشْوِيهِهِ لِلْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ، وَلِأَجْلِ هَذَا عَدَّ الْمُصَنِّفُ الْإِيقَاعَ بِهِ مِنْ مُعْجِزَاتِ الْقُرْآنِ. وَإِنَّمَا عَجِبْنَا نَحْنُ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ مِنْ تَسَاهُلِ الْمُسْلِمِينَ فِي عَهْدِ الْحُكُومَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ كَيْفَ وَصَلَ إِلَى هَذَا الْحَدِّ؛ رَجُلٌ مِنْ أَشْقِيَاءِ الْيَهُودِ أَهْلِ النُّفُوذِ، يَجِيءُ بَغْدَادَ، فَيَنْزِلُ فِي مَدْرَسَةٍ مِنْ أَشْهَرَ الْمَدَارِسِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَيَكُونُ لَهُ مِنْ حُرِّيَّةِ التَّصَرُّفِ فِيهَا وَالْعَبَثِ بِكُتُبِهَا مَا يُمَكِّنُهُ مَنْ تَشْوِيهِ مُصْحَفٍ أَثَرِيٍّ، كَانَ أَحْسَنَ الْمَصَاحِفِ الَّتِي حَفِظَهَا التَّارِيخُ فِي بَغْدَادَ؟! فَلْيَعْتَبِرْ بِهَذَا التَّسَامُحِ الْمُعْتَبِرُونَ.
ثُمَّ رَدَّ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} أَيْ بَلْ هُوَ صَاحِبُ الْجُودِ الْكَامِلِ، وَالْعَطَاءِ الشَّامِلِ، عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِبَسْطِ الْيَدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْجَوَّادَ السَّخِيَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَالِغَ فِي الْعَطَاءِ جَهْدَ اسْتِطَاعَتِهِ يُعْطِي بِكِلْتَا يَدَيْهِ، وَصَفُوهُ بِغَايَةِ الْبُخْلِ وَالْإِمْسَاكِ، فَأَبْطَلَ قَوْلَهُمْ، وَأَثْبَتَ لِنَفْسِهِ غَايَةَ الْجُودِ وَسِعَةَ الْعَطَاءِ. وَلَا غَرْوَ، فَكُلُّ مَا يَتَقَلَّبُ فِيهِ الْعَالَمُ كُلُّهُ مِنَ الْخَيْرِ وَالنَّعِيمِ هُوَ سِجِلٌّ مِنْ ذَلِكَ الْجُودِ وَالْكَرَمِ. وَالنُّكْتَةُ فِي قَوْلِهِ: {كَيْفَ يَشَاءُ} بَيَانُ أَنَّ تَقْتِيرَ الرَّزَّاقِ عَلَى بَعْضِ الْعِبَادِ، الْجَارِي عَلَى وَفْقِ الْحِكْمَةِ وَسُنَنِ اللهِ تَعَالَى فِي الِاجْتِمَاعِ لَا يُنَافِي سِعَةَ الْجُودِ وَسَرَيَانِهِ فِي كُلِّ الْوُجُودِ، فَإِنَّ لَهُ سُبْحَانَهُ الْإِرَادَةَ وَالْمَشِيئَةَ فِي تَفْضِيلِ بَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ، بِحَسَبَ السُّنَنِ الَّتِي أَقَامَ بِهَا نِظَامَ الْخَلْقِ.
وَالْعَجَبُ مِنَ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ: كَيْفَ صَوَّرَ اسْتِعْمَالَ لَفْظِ الْيَدِ هُنَا أَحْسَنَ تَصْوِيرٍ، ثُمَّ خَفِيَتْ عَنْهُ نُكْتَةُ تَثْنِيَتِهِ؛ فَجَعَلَهَا حُجَّةَ الْمُفَوِّضَةِ عَلَى أَهْلِ التَّأْوِيلِ، وَنَحْنُ مَعَهُ فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ، نَنْعَى عَلَى الْمُؤَوِّلِينَ النُّفَاةَ، وَلَا يَمْنَعُنَا ذَلِكَ أَنْ نَفْهَمَ نُكْتَةَ تَثْنِيَةَ الْيَدِ مِنِ اسْتِعْمَالِ لَفْظِهَا الْمُفْرَدِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ بَعْدَ تَفْسِيرِ غَلِّ الْيَدِ بِالْإِمْسَاكِ وَحَبْسِ الْعَطَاءِ عَنِ الِاتِّسَاعِ مَا نَصُّهُ: وَإِنَّمَا وَصَفَ- تَعَالَى ذِكْرُهُ- الْيَدَ بِذَلِكَ، وَالْمَعْنَى الْعَطَاءُ؛ لِأَنَّ عَطَاءَ النَّاسِ وَبَذْلَ مَعْرُوفِهِمُ الْغَالِبُ بِأَيْدِيهِمْ، فَجَرَى اسْتِعْمَالُ النَّاسِ فِي وَصْفِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا إِذَا وَصَفُوهُ بِجُودٍ وَكَرَمٍ، أَوْ بِبُخْلٍ وَشُحٍّ وَضِيقٍ، بِإِضَافَةِ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ صِفَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى يَدَيْهِ، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى فِي مَدْحِ رَجُلٍ:
يَدَاكَ يَدَا جُودٍ فَكَفٌّ مُقَيَّدَةٌ ** وَكَفٌّ إِذَا مَا ضُنَّ بِالزَّادِ تُنْفِقُ

فَأَضَافَ مَا كَانَ صِفَةَ صَاحِبِ الْيَدِ مِنْ إِنْفَاقٍ وَإِفَادَةٍ إِلَى الْيَدِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِي أَشْعَارِهَا وَأَمْثَالِهَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى، فَخَاطَبَهُمُ اللهُ بِمَا يَتَعَارَفُونَهُ أَوْ يَتَحَاوَرُونَهُ بَيْنَهُمْ فِي كَلَامِهِمْ، انْتَهَى.
ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الْجَدَلِ أَنَّ يَدَ اللهِ نِعْمَتُهُ أَوْ قُدْرَتُهُ أَوْ مُلْكُهُ، وَقَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّ يَدَ اللهِ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، غَيْرَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِجَارِحَةٍ كَجَوَارِحِ بَنِي آدَمَ، رَدَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، وَرَجَّحَ الثَّانِي بِتَثْنِيَةِ الْيَدِ وَعَدَمِ إِفْرَادِهَا، وَإِبْطَالِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ التَّثْنِيَةَ بِمَعْنَى الْجَمْعِ.
نَعَمْ، إِنَّ التَّثْنِيَةَ بِمَعْنَى الْجَمْعِ «وَالْيَدَ وَالْيَدَيْنِ» لَمْ يَقْصِدْ بِلَفْظِهِمَا النِّعْمَةَ وَلَا الْقُوَّةَ وَلَا الْمِلْكَ؛ وَإِنَّمَا الِاسْتِعْمَالُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنَ الْكِنَايَةِ، وَنُكْتَةُ التَّثْنِيَةِ إِفَادَةُ سِعَةِ الْعَطَاءِ وَمُنْتَهَى الْجُودِ وَالْكَرَمِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْقَوْلِ الْمَرْوِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَأْوِيلٌ وَلَا نَفْيٌ لِمَا أَثْبَتَهُ الْبَارِئُ لِنَفْسِهِ مِنْ صِفَةِ الْيَدِ وَالْيَدَيْنِ وَالْأَيْدِي فِي آيَاتٍ أُخْرَى، وَمَا سَبَبُ ذُهُولِ ابْنِ جَرِيرٍ عَنْ نُكْتَةِ التَّثْنِيَةِ إِلَّا تَوَجُّهُهُ إِلَى الرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْجَدَلِ فِي الْمَذْهَبِ الَّذِي كَانُوا قَدِ انْتَحَلُوهُ فِي تَأْوِيلِ الصِّفَاتِ، وَمَتَى وَجَّهَ الْإِنْسَانُ هَمَّهُ إِلَى شَيْءٍ يَكُونُ لَهُ مِنْهُ حِجَابٌ مَا عَنْ غَيْرِهِ، وَتَقْرِيرُ الْحَقِيقَةِ لِذَاتِهَا غَيْرُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ يُعَدُّونَ مِنْ خُصُومِهَا {مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} (33: 4) وَلِهَذَا غَلَطَ كَثِيرٌ مِنْ أَنْصَارِ مَذْهَبِ السَّلَفِ فِي مَسَائِلَ خَالَفُوا فِيهَا الْمَذْهَبَ مِنْ حَيْثُ يُرِيدُونَ تَأْيِيدَهُ، وَهَذِهِ آفَةٌ مِنْ آفَاتِ عَصَبِيَّةِ الْمَذَاهِبِ، لَا تَنْفَكُّ عَنْهَا.
{وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} الْخُطَّابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَيْ إِنَّ هَذَا الَّذِي أَنْزَلْنَاهُ عَلَيْكَ مِنْ خَفِيِّ أُمُورِ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ الْمُعَاصِرِينَ لَكَ وَمِنْ أَحْوَالِ سَلَفِهِمْ وَشُئُونِ كُتُبِهِمْ وَحَقَائِقِ تَارِيخِهِمْ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْحُجَجِ وَالآيات.
عَلَى نُبُوَّتِكَ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجْذِبَهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِكَ؛ لِأَنَّكَ لَوْلَا النُّبُوَّةُ وَالْوَحْيُ لَمَا عَلِمْتَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا؛ لَا مِنْ مَاضِيهِ؛ لِأَنَّكَ أُمِّيٌّ لَمْ تَقْرَأِ الْكُتُبَ، وَمَا كُلُّ مَنْ قَرَأَهَا يَعْلَمُ كُلَّ مَا جِئْتَ بِهِ عَنْهُمْ، وَلَا مِنْ حَاضِرِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خَفَايَا مَكْرِهِمْ وَأَسْرَارِ كَيْدِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ لِتَجَاوُزِهِمُ الْحُدُودَ فِي الْكُفْرِ وَالْحَسَدِ لِلْعَرَبِ، وَالْعَصَبِيَّةِ الْجِنْسِيَّةِ لِأَنْفُسِهِمْ، لَا يَجْذِبُهُمْ ذَلِكَ إِلَى الْإِيمَانِ، وَلَا يُقَرِّبُهُمْ مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ، وَوَاللهِ لَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ طُغْيَانًا فِي بُغْضِكَ وَعَدَاوَتِكَ، وَكُفْرًا بِمَا جِئْتَ بِهِ، قَالَ قَتَادَةُ: حَمَلَهُمْ حَسَدُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْعَرَبِ عَلَى أَنْ كَفَرُوا بِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ: عَلَى أَنْ تَرَكُوا الْقُرْآنَ، وَكَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ وَدِينِهِ، وَهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ. فَعُلِمَ مِمَّا شَرَحْنَاهُ أَنَّ زِيَادَةَ طُغْيَانِ الْكَثِيرِينَ مِنْهُمْ وَكُفْرِهِمْ جَاءَ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ وَضِدَّ مَا يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ؛ فَلِهَذَا أَكَّدَهُ بِالْقَسَمِ الَّذِي تُفِيدُهُ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: {وَلِيَزِيدَنَّ}.
{وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: إِنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: {بَيْنَهُمْ} يَرْجِعُ إِلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَعَزَاهُ غَيْرُهُ إِلَى الْحَسَنِ أَيْضًا، وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ عَنِ الرَّبِيعِ، فَلَا نَعْرِفُ فِي التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورِ عَنِ السَّلَفِ غَيْرَهُ، وَفِي تَفَاسِيرِ الْمُتَأَخِّرِينَ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلْيَهُودِ وَحْدَهُمْ. وَيُرَادُ بِالْمُلْقَى حِينَئِذٍ عَدَاوَةُ الْمَذَاهِبِ وَالْبَغْضَاءِ بَيْنَ الْأَفْرَادِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَنْقَطِعُ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، وَلَكِنْ لَا يَظْهَرُ مَعَهُ فَائِدَةٌ لِتَخْصِيصِ الْيَهُودِيَّةِ، وَهُمُ الْآنَ مِنْ أَشَدِّ الْأُمَمِ تَعَاطُفًا وَتَعَاضُدًا وَائْتِلَافًا، وَأَمَّا الْعَدَاوَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّصَارَى فَلَمْ تَنْقَطِعْ، وَهِيَ عَلَى أَشُدِّهَا الْآنَ فِي بِلَادِ رُوسِيَّةَ، وَعَلَى أَقَلِّهَا فِي إِنْكِلْتِرَةَ وَفَرَنْسَةَ وَأَلْمَانِيَّةَ؛ لِمَا فِي هَذِهِ الْمَمَالِكِ مِنَ الْقَوَانِينِ الْحُرَّةِ، وَالْحُكُومَاتِ الْمُنْتَظِمَةِ، وَلِمَا لِلْمَالِ وَأَهْلِهِ فِيهَا مِنَ النُّفُوذِ وَالتَّأْثِيرِ فِي السِّيَاسَةِ، وَسَائِرِ شُئُونِ الِاجْتِمَاعِ، وَالْيَهُودُ أَغْنَى أَهْلِهَا، وَالْمُدِيرُونَ لِأَرْحِيَةِ أَعْظَمِ الْأَعْمَالِ الْمَالِيَّةِ فِيهَا، وَهُمْ، عَلَى مَكَانَتِهِمْ هَذِهِ، مَبْغُوضُونَ مِنْ جَمَاهِيرِ النَّصَارَى، وَكَمْ أُلِّفَتْ كُتُبٌ فِي فَرَنْسَةَ وَغَيْرِهَا فِي التَّحْرِيضِ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ أَخْبَرَنِي أَلْمَانِيٌّ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُسْتَشْرِقِينَ أَنَّهُمْ لَا يَعُدُّونَ الْيَهُودِيَّ فِي بِلَادِهِ مِنْهُمْ، بَلْ يَقُولُونَ: هَذَا يَهُودِيٌّ، وَهَذَا أَلْمَانِيٌّ. وَأَمَّا الْعَدَاوَةُ بَيْنَ النَّصَارَى فَهِيَ أَشَدُّ، وَإِنَّ دُوَلَهُمُ الْكُبْرَى تَسْتَعِدُّ دَائِمًا لِحَرْبٍ يَسْحَقُ بِهَا بَعْضُهَا بَعْضًا.
{كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ} الْحَرْبُ ضِدَّ السِّلْمِ، وَلَيْسَ مُرَادِفًا لِلْقِتَالِ، بَلْ أَعَمَّ، كَمَا حَقَّقْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ آيَةِ الْمُحَارِبَةِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ، فَهُوَ يَصْدُقُ بِالْإِخْلَالِ بِالْأَمْنِ، وَالنَّهْبِ وَالسَّلْبِ، وَلَوْ بِغَيْرِ قَتْلٍ، وَيَصْدُقُ بِتَهْيِيجِ الْفِتَنِ، وَالْإِغْرَاءِ بِالْقِتَالِ. خَصَّ مُجَاهِدٌ الْحَرْبَ هُنَا بِحَرْبِهِمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْحَسَنُ: بِاجْتِمَاعِ السِّفْلَةِ مِنَ الْأَقْوَامِ عَلَى قَتْلِ الْعَرَبِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ فِي تَفْسِيرِ الْجُمْلَةِ: كُلَّمَا أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى شَيْءٍ فَرَّقَهُ اللهُ وَأَطْفَأَ حَدَّهُمْ وَنَارَهُمْ، وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، وَفَسَّرَهُ الرَّبِيعُ بِمَا كَانَ مِنْ مَفَاسِدِهِمُ الْمَاضِيَةِ الَّتِي أَغْرَتْ بِهَا الْبَابِلِيِّينَ وَالرُّومَ قَبْلَ النَّصْرَانِيَّةِ وَبَعْدَهَا، ثُمَّ الْمُسْلِمِينَ، كَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ إِيقَادَهُمْ لِنَارِ الْحَرْبِ هُوَ تَلَبُّسُهُمْ بِالْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ سَبَبٌ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يُرِيدُوهَا بِهَا، وَالْمُرَادُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَخْذُلُهُمْ فِي كُلِّ مَا يَكِيدُونَ بِهِ لِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ الصَّادِقِينَ، فَإِمَّا أَنْ يَخِيبُوا، وَلَا يَتِمَّ لَهُمْ مَا يَسْعَوْنَ إِلَيْهِ مِنَ الْإِغْرَاءِ وَالتَّحْرِيضِ، وَإِمَّا أَنْ يَنْصُرَ اللهُ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَكَذَلِكَ كَانَ، وَصَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَأَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ.
وَجَعَلَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ ذَلِكَ عَامًّا، عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ، دُونَ السِّيَاقِ وَالْقَرِينَةِ وَالْأَسْبَابِ وَالْعِلَلِ، فَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: كُلَّمَا أَرَادُوا مُحَارَبَةَ أَحَدٍ غُلِبُوا وَقُهِرُوا، وَلَمْ يَقُمْ لَهُمْ نَصْرٌ مِنَ اللهِ عَلَى أَحَدٍ قَطُّ- ثُمَّ قَالَ- وَقِيلَ كُلَّمَا حَارَبُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُصِرَ عَلَيْهِمْ، انْتَهَى. وَمَا اخْتَرْنَاهُ أَظْهَرُ.
وَمِنَ الْمَفْصَّلِ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يُغْرُونَ الْمُشْرِكِينَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ سَعَى لِتَحْرِيضِ الرُّومِ عَلَى غَزْوِهِمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَيُئْوِي أَعْدَاءَهُمْ وَيُسَاعِدُهُمْ؛ كَكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ.